أخبار العالماخبار عالميه واوروبيهاخبار عربيهالنمساجالياتمصرمنوعات

من واقع الغربة – غرف بلا هواء

( س ع) رجل في منتصف العقد السادس من عمره..من أسرة ريفية بسيطة الحال..لم يكمل تعليمه الأساسي.. مطلق اللحية متاسلم .. لكن يجهل احكام الدين لأنه لم ينل نصيبا من العلم.

هو للشكل اقرب للمضمون..فهو منغلق الفكر ..متحجر المشاعر لايعرف للمرونة سبيلا.. وليس لديه أنصاف الحلول.

تزوج في سن مبكرة من العمر من قريته علي الطريقة التقليدية مثلما هو الحال في الريف المصري..رزقه الله بثلاث بنات في عمر الزهور.

سأم الفتي صلف العيش وضيق ذات اليد ولم يعد يستطيع أن يلبي احتياجات أسرته..فكر في السفر فانتوي إحدي دول الخليج ..هناك لم يكن أمامه إلا العمل في مجال المعمار والبناء..مجال شاق ومتعب.

عاد إلي زوجته وبناته مرة أخري..لكنه فكر في السفر من جديد ..هذه المرة إلي أوروبا..ولما لا؟, وجاره عاش في النمسا عدة سنوات وقد بني بيتا جميلا في القرية ومعه كثير من المال في البنك واشتري أرضا زراعية يقوم برعايتها بنفسه ومساعدة عمال زراعة يستأجرهم وسيارة خاصة يسافر بها إلي المركز.

طلب من جاره مساعدته ففعل ..وتمكن (س ع) من السفر بالفعل إلي فيينا، فيها مجالات العمل غير الزراعة متوفرة بكثرة وقتذاك..حيث يستطيع الحياة في رغد العيش وواسع الرزق.

مع مرور الأيام بدأ يشعر بالوحدة..فأنيسته وبناته في القرية بينما هو لايستطيع السفر إلا كل ستة شهور لمدة أسبوعين فقط..مدة لاتكفي إشباع رغباته .

أرسل لزوجته لكي تجهز الأوراق وجوازات السفر لها وللبنات..أرسل لهم دعوة للم الشمل ..حصلوا علي الفيزا من السفارة النمساوية في القاهرة..لحقت الأسرة بالأب في فيينا.

ادخل البنات المدارس لكي يتعلموا ويتحدثوا اللغة الألمانية التي تمكنهم من العيش في تلك البلاد..مع مرور السنين يري بناته تكبر يوما بعد يوم حتي أصبحن في سن الزواج.

بدأت تنتابه مشاعر الخوف علي بناته من المجتمع النمساوي المفتوح وليس المغلق كرأسه الذي وضع عليه قفل أصابه الصدأ.مجتمع متغاير الثقافات ومختلف العادات والتقاليد.

انهت الفتيات تعليمهن المتوسط ، فأمرهن بالتزام البيت وعدم الخروج في هذه المرحلة العمرية الخطرة.. كلما خرج للعمل او المسجد للصلاة يغلق باب الشقة ويحتفظ بالمفتاح معه.

كان يقوم بشراء كل شيئ من الأسواق والمحلات حتى لاتضطر إحداهن إلي الخروج بنفسها فتلامس المجتمع وتتاثر به فتنطلق إلي حيث لارجعة إلي أربع جدران بلا أبواب ولا نوافذ..فالأفضل أن يظلن في البيت ينتظرن أولاد الحلال للزواج.

 فقد حرم عليهن جميعا النظر من النافذة حتي لايرين المجتمع ويتأثرن فيفكرن فيخرجن فيتهن في الشارع الذي يراه مظلما كقلبه .

في تلك المرحلة العمرية بدأت الزوجة وبناتها يسأمن طريقة الحياة هذه ..ففي القرية لم يشعروا بهذا الضيق..كان هناك انفتاح.

تعالت الأصوات تطالبن بترك المفتاح معهن ليتمكن من الخروج..لكنه كان يرفض في كل مرة.

ذات يوم  خرج للعمل ..بينما استنجدت الزوجة بإحدي جارتها التي أبلغت الشرطة..فشرحوا لها كل شيئ..وطالبن بأن يتركهن وحدهن .. فابعدته الشرطة عن المكان وأمرته بألا يقترب .

أخيرا نالت الزوجة وبناتها حرياتهن..وأصبح الخروج ورؤية المجتمع والتعامل معه من الأمور العادية بعد أن كانت من المحرمات.

تعرفت البنت الكبري علي شاب في نفس عمرها فصادقته وحملت منه سفاحا..والزوجة التي نالت الطلاق تعرفت علي رجل  لم وتواعدا علي زواج لم يتم.

أما البنتان الصغيرتان فكان اهتمامها بالذهاب إلي الديسكو للرقص والشرب ..وحياة جديدة بعيدة عن القيود والطغيان الأبوي و الانغلاق والصرامة والخوف من مجتمع هن يعشن فيه بإرادة الطاغية.الذي خسر كل شيئ..فلملم نفسه وعاد إلي قريته بخفي حنين بعد ان فقد المفتاح إلي الأبد. نادما لكن بعد فوات الأوان.

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
translation»