
تحليل – التليفزيون المصري الاوروبي
منذ أن صرحت انجيلا ميركل مستشارة ألمانيا السابقة في عام 2015 – “يمكننا القيام بذلك”في إشارة منها إلي استقبال اللاجئيين السوريين – تغير موقف أوروبا من الهجرة ودخل أعداد كبيرة من السوريين، والافغان اولعراقيين وحتي الان. الآن أصبح الأمر مختلف ولم تعد أوروبا قادرة علي فعل ذلك بعد الأن.
ماما ميركل( التي لم ترزق بذرية)، كما كان السوريون ينادونها، قالت ذلك في نهاية أغسطس 2015 في إشارة إلى العدد المتزايد من اللاجئين الذين جاءوا إلى أوروبا في ذلك الوقت.
لكن الأن لقد تغير الكثير في أوروبا منذ ذلك الحين. ففي الانتخابات الأوروبية، كان الشعبويون اليمينيون هم الفائزون الواضحون برغبتهم في قواعد لجوء أكثر صرامة. ويبدو أن العديد من الأوروبيين يفكرون الآن: “لقد انتهينا من ذلك، فقد ولي الزمان وأفلي”.
كما أن الحرب في أوكرانيا تلقي بظلالها علي أي مناقشات، إذا ماوضع في الاعتبار أن اللاجئ الأوكراني له الأولوية باعتباره أوروبي.
فالعديد من الدول الأعضاء لم تعد مستعدة لدعم قواعد اللجوء السائدة حاليا.
ففي المجر علي سبيل المثال من المستحيل تقريبا على اللاجئين التقدم بطلب للحصول على اللجوء، وقد أدانت محكمة العدل الأوروبية مؤخرا احتجاز المهاجرين بشكل غير قانوني في مخيمات العبور، وانخفض عدد طلبات اللجوء بشكل كبير نتيجة لذلك.
وكانت المحكمة قد فرضت في وقت سابق، غرامة ضد بودابست قدرها 200 مليون يورو، فضلا عن غرامة يومية بقيمة مليون يورو لعدم الامتثال لقوانين اللجوء وترحيل المهاجرين بشكل غير نظامي.
المحكمة أوضحت بأن الغرامات تأتي نتيجة “تهرب بودابست “المتعمد” من الامتثال. بالرغم من حكم صدر في عام 2020 نص على أن عليها تطبيق الإجراءات المعمول بها في قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بطالبي اللجوء.
وقالت في بيان: “بما أن هذا الفشل في الإيفاء بالالتزامات يشكل خرقا خطيرا بشكل استثنائي وغير مسبوق لقانون الاتحاد الأوروبي، تأمر المحكمة المجر بدفع مبلغ قدره 200 مليون يورو وغرامة قدرها مليون يورو عن كل يوم تأخير.”.
اليميني المتشدد رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان في معرض رده على الحكم، قال” إن قرار المحكمة “فرض غرامة قدرها 200 مليون يورو على المجر إضافة إلى مليون يورو يوميا لدفاعها عن حدود نقوم بالدفاع عنها.” الاتحاد الأوروبي، فاضح، وغير مقبول”.
وأضاف: “يبدو أن المهاجرين غير النظاميين أهم بالنسبة للبيرقراطيين في بروكسل
من مواطنيهم الأوروبيين”.”.
ويعارض أوربان وأنصاره السماح بدخول طالبي اللجوء إلى المجر على الرغم من أن القوانين الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي توجب على بودابست اتباع القواعد القائمة على النظر في طلبات الحماية كل على حدة.
لكن تعنت بودابست بفرض قيود على وصول المهاجرين لطلب اللجوء رسميا ولم تحافظ على حقّهم في البقاء في المجر ريثما تتم معالجة طلباتهم، وفق المحكمة، جعل الأخيرة تؤيد طلب المفوضية الاوروبية . فرض غرامة على المجر مشيرة إلى أنها تتبع نهجا “يقوّض بشكل خطر مبدأ التضامن والمشاركة العادلة للمسؤولية بين الدول الأعضاء””.
ومن ناحية أخري، يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عرض خططها الوطنية بحلول كانون الأول/ديسمبر والكيفية التي ستطبّق قواعد اللجوء الجديدة من خلالها في العام القادم 2025
وسيتم تشديد الإجراءات عند حدود الاتحاد الأوروبي، بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين الذين سيواجهون إجراءات أسرع في دراسة طلباتهم، مع تسريع عمليات ترحيل أولئك الذين يتخذ قرار بأنه لا يحق لهم طلب اللجوء.وستقام مراكز حدودية جديدة لإيواء المهاجرين ريثما يجري النظر في طلباتهم.
وتوجب القواعد الجديدة على بلدان الاتحاد الأوروبي استقبال آلاف طالبي اللجوء من البلدان التي تعد “في الواجهة” مثل إيطاليا واليونان، أو تقديم المال أو موارد أخرى للدول التي تعاني من ضغط الهجرة..
وقاومت المجر القواعد الجديدة، وخصوصا النقطة الأخيرة، مشيرة إلى أن سياستها المتشددة هي التي تحمي الاتحاد الأوروبي..
كما تجذب دول فيشيغراد الأخرى (بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا) ا الانتباه مرارا وتكرارا لموقفها الرافض للهجرة.
بالإضافة إلى ذلك، غيرت السويد والدنمارك مسارهما في السنوات الأخيرة وشددتا سياسات الهجرة بشكل كبير، وبالتالي خفضتا بشكل كبير طلبات اللجوء الخاصة بهما.
لا تزال لائحة دبلن الخاصة بقواعد اللجوء والهجرة سارية في أوروبا: فالبلد الذي يدخل إليه المرء لأول مرة بشكل غير قانوني عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي عادة ما يكون مسؤولا إذا تم تقديم طلب اللجوء في وقت لاحق. تتحقق كل دولة مما إذا كانت مسؤولة عن إجراءات اللجوء على الإطلاق.
يعتمد هذا على قاعدة بيانات بصمات الأصابع. أما أولئك الذين لم يضطروا أبدا إلى إعطاء بصمات أصابعهم فهم محظوظون: لأنهم بعد ذلك يمكنهم طلب اللجوء ، مما يعني أنه يمكنك اختيار البلد الذي يبدو أكثر جاذبية لك شخصيا.
خلاف ذلك ، فإن القاعدة هي العودة إلى بلد الدخول. باستثناء اليونان. نظرا للوضع غير المستقر للاجئين، بالكاد يتم تنفيذ أي عمليات إعادة اللاجئيين حسب لائحة دبلن، على الأقل في سويسرا باعتبارها غير عضو في الاتحاد.
كما أنه صعب مع إيطاليا في الوقت الحالي، حيث ترفض حكومة ميلوني إعادة الأشخاص إليها لأن إيطاليا، كدولة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، عليها معالجة عدد كبير من طلبات اللجوء، ولا تستطيع سويسرا أن تفعل شيئا يذكر حيال ذلك. يمكن فقط للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو مفوضية الاتحاد الأوروبي بدء إجراءات الإعادة.
وبالمثل، لا يمكن إعادة أي قاصر إلى بلد الدخول. وإذا لم يتم النقل في غضون ستة أشهر ، يتم نقل المسؤولية إلى البلد الذي يوجد فيه الشخص حاليا.
ويتم نقل حوالي ثلث اللاجئين فقط إلى بلد الدخول لكل هذه الأسباب، وبالتالي يمكن للدول الهروب بشكل قانوني من نظام دبلن وبشكل جيد للغاية.
كانت المشاكل معروفة منذ فترة طويلة ، لكن التحسينات فشلت لأن الدول تستمر في الوقوف في الطريق.
ستكون هناك حاجة إلى مفتاح توزيع. ويمكن للمرء أيضا التفكير في الحق المشروط في حرية تنقل الأشخاص بعد بضع سنوات، إذا وجد المهاجرون وظيفة في بلد آخر.
دول مثل المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك ليست مهتمة بالحلول الوسط وقاومت بشدة إصلاح نظام اللجوء وتحديد حصص القبول حتى النهاية.
يتم تقديم الحجج بشكل متكرر مع أرقام الجريمة ، ومساحة المعيشة الصغيرة جدا وفقدان ثقافة المرء. هل هذا صحيح، في الجزء الخامس من سلسلة الترحيل، باستخدام أمثلة على التكامل الناجح والفاشل.
وفي النمسا رفض وزير الداخلية جيرهارد كارنر طلب الحزب الاشتراكي المعارض برفع دعوى قضائية ضد المجر بسبب سياسة اللجوء التقييدية المتشددة.
ويقول الوزير “الحقيقة هي أن الهجرة غير الشرعية على الحدود النمساوية المجرية قد تم صدها “بشكل كبير”. «الآن بعد أن دفعنا الهجرة غير الشرعية إلى الصفر عمليا، فإن مقاضاة المجر لعدم التعاون بشكل جيد للغاية سيكون متأخر للغاية.
وكان كارنر صرح على هامش مؤتمر وزاري لمنتدى سالزبورغ “قبل عامين، كان لدينا 16,400 معبر حدودي غير قانوني على الحدود بين المجر وبورجنلاند النمساوية في النصف الأول من العام، والآن كان هناك 290 في ستة أشهر”. “هذا ليس سببا للاحتفال. يجب أن نواصل هذا العمل”. وفي هذا السياق، أشار وزير الداخلية أيضا إلى «التعاون الجيد» مع الشرطة المجرية وإدانة محكمة العدل الأوروبية لها..
من المهم أن تتمتع أوروبا بحماية فعالة للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ، وأن يتم تنفيذ إجراءات سريعة على الحدود الخارجية وأن يتم تحسين التعاون مع بلدان ثالثة آمنة. هناك محادثات حول هذا الموضوع على مختلف المستويات، وبالطبع يجب أن يحدث ذلك أيضا مع دول شمال أفريقيا.
وفي ألمانيا قررت الحكومة، تأجيل قرار بشأن خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة، لدراسة طلباتهم خارج الاتحاد الأوروبي، والتي يطرحها “الاتحاد المسيحي” ويضغط من أجل تنفيذها. وترغب الحكومة الفيدرالية في مواصلة دراسة الخطة، وتقديم نتائج بحلول شهر يناير كانون الأول القادم.
وقلل المستشار الاتحادي أولاف شولتس من (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) من التوقعات بشأن نموذج الدولة الثالثة، وقدّر أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقليل عدد طالبي اللجوء في ألمانيا ببضعة آلاف.
لكن ما اجمع عليه وزراء داخلية الولايات الألمانية علي ضرورة ترحيل المجرمين و”الجماعات الإرهابية الخطرة” من اللاجئين إلى أفغانستان وسوريا.
وكانت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر من (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، قدمت بالفعل تقريراً عن جهود وزارتها في هذا الصدد بشأن ترحيل اللاجئين المجرمين والخطيرين، وفيما يتعلق بأفغانستان، أشارت إلى أن “هناك الآن اتصالات مع السلطات في أوزبكستان”. وبالنسبة لسوريا أيضاً أضافت “نحن نتحدث مع الدول المجاورة”.
والخلاصة أن هناك انقسام في الاراء، حيث تؤيد الولايات التي يقودها الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي نقل إجراءات اللجوء إلى دول ثالثة – أي دول خارج الاتحاد الأوروبي – من أجل تقليل عدد اللاجئين في ألمانيا. ومن ناحية أخرى، فإن الولايات التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي متشككة وغير راضية.
ويضغط “الاتحاد المسيحي” في ألمانيا الذي يضم حزبي “الاتحاد المسيحي الديمقراطي” والحزب “المسيحي الاجتماعي” منذ فترة طويلة من أجل وضع نظام يخضع بموجبه طالبو اللجوء إما لإجراءات اللجوء في دول العبور في طريقهم إلى أوروبا، أو إرسالهم إلى دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي بعد وصولهم إلى ألمانيا.