
أخشي أن تدفع حرب غزة الأجيال القادمة إلي أحضان حماس
تتصدر الأوضاع الجيوسياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط في مقدمتها الحرب في غزة،
الاهتمامات العالمية، وإن أصبحت الحرب في أوكرانيا في مقدمة الأولويات في الوقت الراهن.
حول هذه الأوضاع والحرب في أوكرانيا أجرينا لقاءا خاصا مع الدكتور هارلد تروخ البرلماني والمؤرخ النمساوي النشط بكتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، وذلك بمقر البرلمان الاتحادي في فيينا وجاء اللقاء كالتي.
كيف تقييم الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في الشرق الأوسط؟
الأوضاع بالطبع خطيرة، فالشرق الأوسط يشهد حرباً جدديدة منذ السابع من أكتوبرالعام الماضي، قتل فيها حتي الأن حوالي قرابة الأربعين ألف فلسطيني في غزة معظمهم من الأطفال والنساء، نتيجة الهجوم العنيف والمستمرالذي تشنه الطائرات الإسرائيلية يوميا علي المناطق السكنية والمستشفيات بلا رحمة وبلا هاوده. وهو ما أدينه بشدة كمتحدث باسم حقوق الإنسان في الحزب.ونخشي أن يؤدي منطق الحرب إلي دفع الاجيال الفلسطينية القادمة إلي أحضان حماس. وكيف يمكن استعادة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية؟لايمكن استعادة حقوق الإنسان في المنطقة إلا بوقف دوامة العنف، ووقف طرد الفلسطينيين من الضفة وغزة، لأن لهم الحق في وطن وفي الوجود مثلما لإسرائيل الحق في حدود أمنة. وعلينا أن ندرك مدي معاناة الفلسطينيين والتي تشكو منها وزارة الصحة ومنظمة أطباء بلا حدود والصحة العالمية. ودعني أذكر بأن الهدف الذي كان يصبو إليه برونو كرايسكي مستشار النمسا الراحل، هو إيجاد حل سلمي في الشرق الأوسط يضع في الاعتبار الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي( يشير إلي حل الدولتين).وهناك قرارات دولية واضحة وصريحة صادرة من منظمة الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة. لكن إسرائيل تنتهك بشكل مستمر تلك القوانين والقرارات الدولية وتضرب بها عرض الحائط؟ هذا صحيح فاستمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسيطينة يمثل انتهاكات صارخة للقوانين والمواثيق الدولية.واستمرار عدم تنفيذ هذه القرارات واستمرار احتلالها للأراضي العربية يجعل الاستقرار مهددا بشكل دائم. وبناءاً عليه ينبغي علي إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية، ومرتفعات الجولان السورية ، فهي في حاجة إلى حكم ذاتي حقيقي واستقلال.ومن ناحية أخري أري أن هجمات حماس على الأراضي الإسرائيلية أمر خطير، فالإرهاب ليس طريق للحل السلمي. الحل السلمي يقودنا إلي الحديث عن المبادرات العربية من أجل الحوار؟
أنا أؤيد بشكل كامل الحوار الإسلامي اليهودي وكذلك الحوارالعربي الإسرائيلي.
وكنت متفائلاً للغاية عندما شرعت دول مثل المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة، في الحوار مع إسرائيل، فهذا تطور جيد للغاية.
وأنا أثمن موقف بعض الدول العربية مثل مصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة وأعتقد المملكة العربية السعودية أيضًا لأنها تريد السلام والاستقرار وهذه فرصة جيدة.
وأعتقد أيضا أن الحوار العربي الإسرائيلي هو وحده القادر على إنهاء الصراع الحالي في الحرب الحالية.
وعلينا أن ندعم عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية من أجل خلق حوار جيد وإيجابي.
وأري أن بعض المبادرات العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمغرب ومصر مثيرة للاهتمام للغاية، فهو عمل من أجل إجراء حوار دولي إيجابي ، لكن يظل الحوار مع إسرائيل بشكل خاص أمر ضروري.
وهل تعتقد ان حكومة نيتانياهو تريد السلام؟
لذلك أؤكد مرة أخري علي الحاجة إلى حكومة إسرائيلية تشارك من أجل الحوار، لأن ناتنياهو ليس شريكًا للسلام.
وبالطبع فالدول العربية التي تريد حلاً مستقرًا وتريد السلام في الشرق الأوسط، بحاجة إلى شريك إسرائيلي يعمل معهم من أجل شرق أوسط ينعم بالسلم والاستقرار.
هناك قصف متبادل بين حزب الله وإسرائيل، كما أن إيران شنت في أبريل الماضي هجمات علي إسرائيل واعتبرها البعض تمثيلية؟
حكومة الملالي في إيران تريد وقف الحوار بين اليهود والمسلمين،وكذلك بين إسرائيل والدول العربية، فهي حكومة يمينية لاتريد المساومة علي مايحتاجه الفلسطينيون والعرب.
لذلك فإن فتح حزب الله جبهة ثانية، بعد الهجمات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل غير مثمرة وتضر بالوضع ولا تساهم في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
كما أن الحكومة الإيرانية تحتاج إلى نوع من الحرب التي تورط فيها بلادها، بهدف خلق عدو خارجي فلذلك اختارت إسرائيل.
وكيف تنظر للسياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة؟
مرارا وتكرارا تستولي إسرائيل علي أراضي تمتلكها العائلات العربية في الضفة الغربية حتي أصبح هناك شريط كبير من الاراضي الخصبة علي نهر الأردن في أيدي إسرائيل.
فإسرائيل تنتهج سياسة متعنتة للغاية ومستمرة ضد السكان العرب وضد االفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
هذا يعني استحالة تحقيق السلام في المنطقة؟
لا أخفي عليك أن فرص السلام في ظل الوضع الحالي، ضعيفة للغاية لأن هناك قوى سياسية تحاول التصعيد وتوسيع الصراع في وقت نحن في أمس الحاجة للسلام.
فحكومة نتنياهو لا تريد السلام ولا تعمل من أجله بل تريد توسيع الأرض، باحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية، وطرد الشعب الفلسطيني منها.
ونحن لا يمكننا دعم ذلك، بل إننا بحاجة إلي حكومة في إسرائيل تريد التفاوض على السلام.
هل يمكن أن تحدثني عن الموقف الامريكي؟
نحن نحتاج إلى موقف وكلمات واضحة من الولايات المتحدة.
فإذا كانت واشنطن حريصة علي الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الحكومات العربية الصديقة، فيجب عليها أن تمارس الضغوط على إسرائيل لوقف الهجوم ووقف الحرب ضد السكان الفلسطينيين. وللأسف الوضع العالمي أصبح هشا وخطير للغاية.
لكن عامة، علينا انتظار انتخابات الرئاسة الأمريكية، وماستسفر عنه.
كيف تتوقع نتائج تلك الانتخابات؟
لا أحد يستطيع أن يجزم من الفائز ومن سيخسر تلك الانتخابات، لكن المناظرة الأخيرة بين جون بايدن ودونالد ترامب تشير إلي ترجيح كافة الأخير.
ومع ذلك فالاثنان مازالا في بداية الحملة الانتخابية، ولا نعرف ماذا سيحدث بعد، ومن الذي سيختاره الشعب الأمريكي.
وكيف تري التأثير الاقتصادي للحرب في كل من غزة وأوكرانيا؟
الصراع في أوكرانيا يزعزع استقرار الوضع في أوروبا الشرقية ، فضلا عن التأثير الكبير على إنتاج وإمدادات الغذاء إلى البلدان الأخرى.
وأنا أتحدث هنا عن تصدير الحبوب خاصة القمح من أوكرانيا وجنوب روسيا لتلبية احتياجات دول في منطقة البحر الأبيض المتوسط مثل مصر ودول أخري في أفريقيا وآسيا.
واعتراض طريق مرور النفط والغاز عبر البحر الأحمر وقناة السويس بشن هجمات بين الحين والأخر علي السفن التجارية، يؤثر لاشك علي إمدادات الطاقة لأوروبا وهو يشكل وضع خطير للغاية.
فنقص الإمدادات يرفع أسعار النفط.
فإذا كان هناك خطر ستقل إمدادات النفط والغاز ما يؤدي لرفع الأسعار.
فضلا عن التأثير السييء للحرب في أوكرانيا على الأسعار. لذلك أعتقد أنه يتعين علينا أن نفعل كل ما في وسعنا للعمل من أجل السلام لإنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن والتوصل إلى حل مقبول
لجميع الأطراف.
الدكنور تروخ هو مؤرخ نمساوي تدرج في العمل السياسي من خلال الحزب الاشتراكي الديمقراطي بدأ بمجالس الأحياء ثم عضوية مجلس الحزب بمقاطعة فيينا وأخيرا عضو مجلسه علي المستوي الاتحادي، وحاليا ممثل للحزب في البرلمان الاتحادي.
إلي اللقاء في الجزء الثاني